ابقى على تواصل

بريد إلكتروني info.fint@uoz.edu.ly
هاتف 00218910000000

كلمة رئيس قسم التمويل والمصارف بمناسبة نهاية فصل الخريف 2023\2024

الرئيسية // الأخبار // كلمة رئيس قسم التمويل والمصارف بمناسبة نهاية فصل الخريف 2023\2024
16 مايو, 2024 0 تعليق 130 زيارة

كلمة رئيس قسم التمويل والمصارف بمناسبة نهاية فصل الخريف 2023\2024.

كلمة رئيس قسم التمويل والمصارف بمناسبة نهاية الفصل الدراسي الخريف 2023\2024

طلابي الكرام ، الخريجات العزيزات، الخريجون الأعزاء

أيها الجمع الكريم جميعا ... كلية الاقتصاد والعلوم السياسية تيجي


بدءا، أهنئكم وأهنأ أهلكم وأحباءكم وأصدقاءكم بكم. ها أنتم تقطفون اليوم ثمار شهور من العمل الجادّ على مقاعد الدراسة، فهنيئا لكم ما صنعت أيديكم وطوبى لكم.

عندما كنت في عمركم كنت أضيق ذرعا بالنصائح التي يوجهها لي من هم أكبر سنا. وكان أن مضت سنون قبل أن أتنبّه إلى أن بعض هذه النصائح سديدٌ مفيد. عندما تذكرت ذلك خطر لي ألاّ أضمّن كلماتي لكم أية نصائح. لكنني أدركتُ سريعا أن التقاليد الجامعية تقضي بأن يسديَ رئيس القسم العلمي بعض النصائح، بل إن الالتزام بها يتعاظم عندما يصبح العظم واهناً ويشتعل الرأس شيباً. هكذا لا بد لكم من سماع نصائحي، وإني لآمل ألاّ يلاقي بعضها على الأقل مصيرَ النصائح التي أسديت لي عندما كنت في عمركم. '

طلابـــــــــــــي الأعزاء ...

لا شك لدي في أن المعارف التي اكتسبتموها والخبرات التي راكمتموها خلال دراستكم في أفضل كليات، جامعة الزنتان، تؤهلكم للنجاح في حياتكم المقبلة. لكن عليّ أن أصدقكم القول إن النجاح لن يكون سهلا. على المرء أن يواصل طـَرْقَ باب النجاح حتى تدمى منه وتتقرح مفاصل الأصابع. ومرة بعد مرة، سيوصد الباب في وجه المرء فيتعثر ويقع. ومرة بعد مرة، على المرء أن ينهض من عثرته وينفض الغبار عن ثيابه ويواصل الطـَرْقَ حتى ينفتحَ الباب على مصراعيه. ستسمعون من يقول: إن فلانا حالفه حظ النجاح. والواقع أن النجاح كما قال لوي باستير، مكتشف الجراثيم، يحابي العقل المعدّ جيدا المتأهب المتحفز، أو كما قال ثوماس إيديسون، مخترع المصباح الكهربائي والمسجل الصوتي (الغراموفون)، النجاح 10% إلهامٌ و90% كدح وعرق. وإذا كنا قد ساعدناكم خلال دراستكم على أن تعدّوا للنجاح عدّته، وإذا كنا كما نفعل نحضكم على النجاح ونحثكم إليه، فلا يعني ذلك النجاح بأي ثمن. فكما قيل ليس من الحكمة في شيء أن يربح المرء الدنيا ويخسر نفسه.

النجاح، نعم! لكن النجاح الحق هو ذاك المقترن بالنزاهة. وليست النزاهة فحسب كفّ اليد عن المال العام والحرص عليه، بل هي أيضا ألاّ يقامر المرء أو يغامر بأموال الناس وأرزاقهم إن كان مؤتمنا عليها، وأن يكون صادقا مع نفسه قولا وعملا، وأن يتبع في كل الأمور نداء قلبه ومقتضيات قناعاته، وأن يُعلي المنطق، وخاصة منطق العدل والرأفة، على كافة الأهواء والتحيزات، وأن يفعل ذلك كله في الأوقات كلها، فلا يقع ضحية غواية "سأفعلها هذه المرة فقط لا غير"، أي أن لا يسلك مسلك ذلك القديس الذي يُحكى أنه كان في شبابه يتضرع إلى الله قائلا: "اللهم اجعلني عفيفا، ولكن ليس بعدْ". قد يسأل سائلكم، وهل يرقى استاذنا إلى مصافِ هذه الصرامة؟

 

لن أجيب. يكفي القول إن من حاول كان له على الأقل أجر المحاولة.

 

طلابـــــــــــــي الأعزاء ...

قد تستغربون إن قلت لكم إنكم ونحن محظوظون لأننا بالمعايير الكونية نعيش عصرا سعيدا. صحيح أن في واقعنا الليبي ما يفطر الفؤاد. وصحيح أن العالم مليء بمآسي الجوع والفقر والمرض، وصحيح أننا كبشر لم نسيطر بعد على الزلازل والبراكين والتسونامي وما زلنا ندفع ثمنا رهيبا لغضب الطبيعة. مع ذلك، تخيلوا معي مبلغ دهشة وسعادة أرسطو وأرخميدس وابن الهيثم والخوارزمي وغاليليو وكوبرنيكس ونيوتن وحتى أينشتاين لو أتوا اليوم ليجدوا أننا قد كشفنا أسرار ما تحت الذرّة واستكشفنا مجّرات وعوالم بعيدة مئات السنوات الضوئية وطوّرنا تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والقائمة تطول! غير أن المشاركة في هذه السعادة تتطلب التعلـّم مدى الحياة. وليس التعلـّم في مجال اختصاص المرء ونطاق عمله فحسب، بل وأيضا في آفاق العلم والأدب والفن الرّحِبَة. والحق أن سعة الاطلاع ورحابة المعرفة ليست شرطا للسعادة فقط، بل وللنجاح في عالم اليوم كذلك.

دعوني أسوق لكم مثال الياس زرهوني. وصل الياس الجزائري إلى الولايات المتحدة وعمره 24 سنة ليصبح بعد سنوات أحد أكبر علماء الإشعاع (الراديولوجي) وليشغل أحد أرفع المناصب في الولايات المتحدة، منصب رئيس معهد الصحة الوطنيNational Institute of Health (NIH).  سـُئلَ زرهوني مرة عن سرّ نجاحه، فقال السرُّ هو اتباعه لمبدأ 50/50: 50 في المائة من الاطلاع والدراسة والبحث والتمحيص في مجال الاختصاص و 50 في المائة من الاطلاع والدراسة لعلوم وآداب وفنون مختلفة. والواقع أن سعة الاطلاع تمكّن من سعادة المعرفة، كما تثري المخيلة وتطلق العنان للخيال المبدع الخلاق وتصبح مصدر وحي والهام. نعم، انه لعصر سعيد على الصعيد الكوني .


طلابــــــــــــــــــي الأعزاء....

محظوظ من يترك أثرا على رمال الحياة. ولا يترُكَن أحد مثل هذا الأثر إلا بالعمل الصالح. فكما تعلمون، يذهب الزَبَد جُفاء، وأما ما ينفع الناس من علم وأدب وفن وتكنولوجيا فيبقى في الأرض. أتمنى أن يترك كل منكم أثرا.

طلابـــــــــــــــــي الأعزاء...

في مستقبل الأيام ستنظرون إلى وقتكم في الكلية بكثير من الحب وكثير من الحنان وفيض من الحنين، ولربما ستقولون كانت تلك أجمل أيام العمر. وسنشعر نحن أساتذتكم بالفخر إذ نسمعكم تقولون ذلك. ولكن، ولكن، دعوني أقول صدقا إن الأمر يعود لكم، يعود لكم أن تجعلوا دوما أجمل الأيام تلك التي لم تأت ِ بعدْ. أتمنى أن تفعلوا. وشكرا.

...مقتبس من كلمة رئيس جامعة بنزرت في حفل التخرج السنوي السادس والثلاثون ...

 

أ . فؤاد منصور التويرقي

رئيس قسم التمويل والمصارف بالكلية 


مشاركة:

التعليقات